Sunday, November 19, 2006

كلمات من خلف الأسوار



لاذلت أذكر تلك اللحظات قبل الرحيل من مدينه القاهره إلى أوربا, أفكار وآمال كانت تدور ببالى وقتها وكنت فى غايه الحماس والأثاره للسفر، فهناك عالم جديد وحياه مختلفه وحريه مطبقه على أرض الواقع ليست حبيسه لأفكار وعادات لاتتغير مهما طال الزمن. لم أكن أعرف أن سفرى سيطول ولذا فلم أهتم بتوديع الأصدقاء بل فلم أذكر لهم على الأطلاق أنى ذاهب لفتره وجيزه لن تتعدى عامين على الأكثر. مرت الأعوام الواحد تلو الأخر وأنشغلت فى دراستى إلى أقصى حد, ولا أعرف كيف مر الوقت بهذه السرعه ليصبح بعدى عن مصر أكثر من أثنى عشر عاماً ..غلبنى الحنين إلى مصر فقررت زيارتها وقلت لما لا أذهب وأرى أصدقائى القدامى وخصوصاً بعد أن فرقت بنا الدنيا طيله هذه الأعوام...

الصديق الأول
يعمل الأن مدرس فى مدرسه ثانويه وبعد الظهر يذهب يعمل فى بوتيك صغير يملكه، الأخر مهندس ويعمل فى محل لبيع أدوات ومواد البناء، الثالث فى بنك ويعمل هو الأخر فى فندق، الرابع فى صيدليه
الخامس دكتور والسادس محاسب فى بنك ويعمل فى المقاولات السابع دكتور فى الجامعه وله مكتبه....الخ
لم أرى واحد من الأصدقاء أو الزملاء يعمل فى وظيفه واحده فقط..وسألت الكثير منهم كيف وصلت مصر إلى هذا الحد من الكساد والخمول أذا كان معظم الناس يعمل فى وظيفتن أو أكثر؟ الشيء الصعب أن معظم الناس فعلاً لا تعرف معنى الحياه الكريمه فى خضم المشاكل والبحث الدائم عن لقمه العيش...حياه أصدقائى بائسه فعلى الرغم من أنهم ميسوريين الحال، إلا أنهم لا يعرفون فى الدنيا شيء غير أسعار السلع. أهلكت الدنيا القاسيه أوقاتهم وملئت عقولهم بإشياء تافهه بعد أن كانوا مفعمين بالحيويه والتحدى والأراده القويه...للأسف لم أجد شيء ممكن أن نتحدث فيه سوى ذكرياتنا القديمه أيام الطفوله وأيام المدرسه الأعداديه..أصبح كل ما يجمعنا مجرد لقطاطات لمواقف وصور محفوره عن أيام جميله ولت ولن تعود..وأصبحت الأيام بيننا كالأسوار العاليه لمبنى مرصود..كان عزائى الوحيد أنى رأيت مدرستى القديمه بساحتها الواسعه وخلف أسوارها تذكرنا كل أيام اللعب وأحلامنا ونحن صغار..وهبت نسمات الصمت نحونا وتوقف بنا الزمن لحظات فلم يعرف منا أحد قبل ذالك اليوم كم الصداقه بيننا وكم غيرت فينا الأيام... ولكن على الرغم من هذا لايزال كل منا حبيس لهذه الذكريات والايام الحلوه